أسبوع انتكاسات بايدن

بايدن ملقياً خطابه عن حقوق التصويت، جامعة أتلانتا يوم الثلثاء 11 كانون الثاني (يناير) الجاري. (أ ف ب)
بدءاً من قانون التصويت، ووصولاً إلى خطط فرض اللقاح في أماكن العمل، رأت صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية أن الأسبوع الماضي أظهر حدود نفوذ الرئيس الأميركي جو بايدن، وهشاشة ولايته.
وكان بايدن قد دخل مبنى الكابيتول بعد الواحدة ظهراً من يوم الخميس، مستعداً لاختبار قدرته على إقناع حزبه ودفعه إلى مناقشة امكانية تغيير قواعد مجلس الشيوخ وتمرير قانون التصويت الشامل الذي التزم به. لكنه سرعان ما تلقى إشارات حول هشاشة رئاسته.
وحتى قبل وصوله، لجأت العضو في مجلس الشيوخ كيرستن سينيما إلى خطاب نادر لتقويض خطط بايدن، معلنة أنها ستعارض أي تغيير في القواعد. وفشل بايدن في تغيير رأي السناتور جو مانشين، رغم انخراطهما في حوار حول تطور قواعد المجلس على مدى عقود.
وبعد دقائق فقط من اختتام الاجتماع، واجه بايدن انتكاسة كبيرة أخرى: رفضت المحكمة العليا خططه لفرض اللقاح في أماكن العمل، في محاولة للحد من تفشي جائحة كورونا، فضلاً عن مشروع قانون العقوبات الذي مارس مسؤولو الإدارة الأميركية ضغوطاً شديدة ضده.
وجاء ذلك بعد يوم من ظهور بيانات اقتصادية جديدة تفيد أن التضخم في العام الماضي بلغ أعلى معدل له في أربعة عقود، وتزامناً مع انهيار المحادثات الدبلوماسية مع روسيا، وتوقع أزمة في السياسة الخارجية وتصاعد القلق بشأن الحرب في أوكرانيا، ما شكل إحدى أصعب الفترات في ولاية بايدن.
وبعدما تعهد بايدن بإطلاق مرحلة جديدة في عهده، أظهر الأسبوع الماضي الصعوبات في السنة الثانية من ولايته. مع ذلك، حافظ بايدن على تفاؤله، آملاً تحقيق نتائج إيجابية رغم التشاؤم من حوله.
وأعلن إد ريندل، حاكم ولاية بنسلفانيا السابق وحليف بايدن منذ فترة طويلة أن البيئة من حوله هي التي تغيرت، مضيفاً: "لو بقي بايدن في البيئة السابقة، أي ما قبل عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، لكان قد تجاوز الكثير من الصعوبات".
واستهل البيت الأبيض الأسبوع الماضي بالتركيز على قانون التصويت، بعدما تعثرت خطة الإنفاق لمشروع إعادة البناء بشكل أفضل بسبب معارضة الجمهوريين ومجموعة من الديموقراطيين. وفي وقت استعد بايدن لزيارة أتلانتا لإلقاء خطاب بالغ الأهمية، واجه تحديات خطيرة، مع مقاطعة عدد من الناشطين المحبطين من عدم بذل البيت الأبيض المزيد من الجهود المنسقة في وقت سابق.
فلم تحضر الديموقراطية البارزة ستايسي أبرامز، المرشحة لمنصب حاكم لولاية جورجيا، الحدث، بسبب "تضارب في المواعيد".
وخلال الخطاب، دعا بايدن إلى التخلص من المماطلة لتمرير قانون التصويت، ورفع حدة نبرته، معلناً أن من يقف في طريق التشريع يتماشى مع السياسات العنصرية. وتساءل: "كيف تريد أن يتم تذكرك؟ هل تريد أن تكون في جانب مارتن لوثر كينغ أم جورج والاس، جون لويس أم بول كونور، أبراهام لينكولن وجيفرسون ديفيس؟".
وفي وقت أشاد الكثيرون في حزبه بالخطاب، معتبرين أنه أفضل ما في رئاسته، تخلل المدح بعض الانتقادات، حتى من الحلفاء المقربين.
وأعرب السناتور الديموقراطي ريتشارد دوربين عن مشاطرة بايدن الرأي في ما يخص المبادئ الأساسية التي حددها، إلا أنه وجد بعض المبالغة. أما رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، فرأت الخطاب "رائعاً"، لكنها انتقدته في مؤتمر صحافي قائلة إن أحداً لا يعرف بول كونور، في إشارة إلى النائب عن ولاية ألاباما الذي قمع الاحتجاجات المطالبة بالحقوق المدنية في ستينات القرن العشرين.
في المقابل، انتقد زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الخطاب، واصفاً إياه بأنه "غير لائق" لرئيس الولايات المتحدة. ورغم أنه عرف بايدن شخصياً واحترمه لسنوات طويلة، أعرب عن غضبه من مقارنة خصومه بالشخصيات العنصرية.
بعد ذلك، قصد بايدن، يوم الأربعاء، مكتب ماكونيل لمقابلته شخصياً وتوضيح موقفه، إلا أنه لم يجده في مكتبه.
وبعد الخطاب، تواصل البيت الأبيض مع سينيما ومانشين، ودعاهما إلى جلسة رئاسية كان من المقرر عقدها الأربعاء قبل تأجيلها إلى الخميس، وفقاً لمصدر مطلع على الأمر.
مع ذلك، لم يعدل مانشين عن رأيه.
وجاء أسبوع بايدن الصعب بعد شهر محبط، يعود إلى إعلان مانشين في كانون الأول (ديسمبر) أنه لن يدعم خطة بايدن للإنفاق بشكلها الحالي، ما أدى إلى تعطيل أجندة الرئيس.
وبالتالي، لم تكن مهمة بايدن سهلة، في مواجهة حزب جمهوري موحد ضده، إلا أنها اختبرت قدرته على الحفاظ على تماسك حزبه.
وأظهر استطلاع رأي أجرته "جامعة كوينيبياك" أن بايدن حصل على موافقة بنسبة 33 في المئة مقابل رفض بنسبة 53 في المئة، في حين أظهر استطلاع أجرته مجلة "الإيكونوميست" أنه حصل على موافقة بنسبة 43 في المئة مقابل رفض بنسبة 50 في المئة.
واعترف مساعدو البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، بصعوبة هذه المرحلة، مشيرين إلى انجازات الرئيس السابقة، ومنها توفير وظائف جديدة ورفع نسبة تلقيح المواطنين.